التقنيات المالية – (FinTech) FINANCIAL TECHNOLOGY

يشهد العالم اليوم نقلة ً نوعية من الاقتصاد النقدي إلى الاقتصاد غير النقدي؛ بفضل خدمات التقنيات المالية التي تستطيع إحداث تغييرات جذرية في قطاع الخدمات المالية؛ حيث تقدم التقنيات المالية خدمات لكثير من الأفراد والشركات بطرق سريعة وسهلة، وأقل تكلفة مقارنة بالوسائل التقليدية؛ فالتقنيات المالية تستطيع أن تساهم مساهمة كبيرةً في تحقيق الاستقرار المالي، كما أنها تلعب دوراً جوهرياً في صياغة مستقبل المعاملات والخدمات المالية.ومن هنا دعت الحاجة إلى ضرورة ابتكار أدوات مالية جديدة قادرة على تلبية احتياجات المستثمرين داخل هذه المساحة، ومن بين هذه الابتكارات ما عُّرف بالتقنيات المالية التي تُعد بمثابة ثورة اقتصادية جديدة.

ماهي التقنيات المالية؟

تتكون التقنيات المالية من كلمتين:(FinTech) مالية (Finance) و تكنولوجيا (Technology) وتشير في معناها الواسع إلى تطبيق التكنولوجيا في الصناعة المالية، وتشمل تشكيلة واسعة من الخدمات المالية كالإقراض والاستثمار والدفع وإدارة الخطر وتحليل البيانات والتأمين وإدارة الثروة.

وبحسب تعريف مجلس الاستقرار المالي 2017 (Financial Stability Board) فإن التقنيات المالية هي ابتكارات مالية باستخدام التكنولوجيا يمكنها استحداث نماذج عمل أو تطبيقات أو عمليات أو منتجات جديدة لها أثر ملموس على الأسواق والمؤسسات المالية، وعلى تقديم الخدمات المالية.

كما عرفتها لجنة بازل للرقابة المصرفية بأنها “أي تكنولوجيا أو ابتكار مالي ينتج منه نموذج أعمال أو عملية أو منتج جديد له تأثير على الأسواق والمؤسسات المالية”.

أهمية التقنيات المالية

  • دعمها وتمكينها لنماذج أعمال ومنتجات وخدمات مالية لم يكن بالإمكان تحقيقها سابقاً؛ فقد تأثر شكل القطاع المالي بدرجة كبيرة منذ دخول التقنيات المالية.
  • عززت من كفاءة الأسواق وحسَّنت من تجربة العملاء والمستهلكين.
  • أسهمت في تقديم خدمات مالية وحلول تقنية أفضل.
  • أدى انخفاض التكاليف وسرعة الإنجاز إلى زيادة الشمول المالي من خلال منتجات وخدمات وحلول محسنة وصلت لفئات كانت خارج دائرة القطاع المالي.
  • قللت التكنولوجيا من الأخطار، خاصة فيما يتعلق بعدم التيقن بالعقود، والتي كانت سمة لصيقة بها؛ فأمكن من خلال تقنيات السجلات الموزعة (مركزية كانت أو لامركزية) تقليل مخاطر عدم الإفصاح أو الشفافية، وساهمت العقود الذكية في تقليل مخاطر النكول والمخاطر القانونية، وبدورها تساهم التكنولوجيا التنظيمية في تقليل مخاطر الالتزام (الامتثال) والمخاطر القانونية.
  • سهلت إمكانية وصول المستثمرين والشركات للأسواق المالية بتكاليف منخفضة.
  • ساعد كل من الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الكبيرة على تعزيز الأمن وتحسين تجربة العملاء وتقليل التكاليف.
  • تطور التقنيات المالية
  • إدخال بطاقات الائتمان في الخمسينيات.
  • ماكينة الصراف الآلي في الستينيات.
  • التداول الإلكتروني للأسهم في السبعينيات.
  • وأجهزة الكمبيوتر المركزية وأنظمة حفظ السجلات في الثمانينيات.
  • والخدمات المصرفية والسمسرة عبر الإنترنت في التسعينيات.
  • مع انتشار الإنترنت على نطاق واسع والأجهزة المحمولة وخاصة الهواتف الذكية؛ وبذلك أصبحت الابتكارات أكثر كثافة منذ عام 2000م فصاعداً. وتم تقديم المحافظ الإلكترونية وتطبيقات الدفع والمستشارين الآليين والتمويل الجماعي ومنصات الإقراض.

أنواع التقنيات المالية

1.سلسلة الكتل ( Blockchain ):

تمثل تقنية البلوك تشين حجر الأساس للكثير من الابتكارات الناجحة في القطاع المالي، وهي نوع خاص من السجلات الموزعة ترتكز على أساس تقني مخصص، حيث تنشئ سجلاً غير قابل للتغيير، وتحتفظ به شبكة لامركزية، كما تعتمد كل السجلات بالإجماع (باستخدام خوارزميات)؛ حيث تسمح للمستخدمين بالاطلاع على المعطيات (شفافية)، ومشاركتها مع أطراف أخرى (مما يوفر أماناً وحماية المعطيات)، فضلاً عن تتبع المعاملات وإنجازها بسرعة وكفاءة (تقليل التكلفة)، وما يترتب على ذلك من تقليل درجة عدم اليقين والمخاطرة في المعاملات.

2.تقنية السجلات الموزعة (Distributed Ledger Technology):

هي قاعدة بيانات لسجلات لا تخزنها أو تؤكدها أي سلطة مركزية، وفيها يكون للقائم بالتطبيق القدر الأكبر من السيطرة على الطريقة التي تنفذ بها العمليات؛ حيث يمكنه تحديد بنية الشبكة وغرضها وطريقة عملها بشكل يدعم خدمات الشبكة، إن السجلات الموزعة لامركزية من الناحية التقنية، وتعتمد على مبادئ إجماع مشابهة للبلوك تشين، لكنها نظام تسيطر فيه جهة من الجهات على الشبكة التي من المفترض أنها لا مركزية من حيث إجراء المعاملات، لكنها مركزية من حيث التنظيم؛ ولذلك تميل إليها الجهات الرسمية كالبنوك المركزية مثلاً عند تبنيها للتقنية المالية.

3.العقود الذكية (Smart Contracts):

تعدُّ العقود الذكية أحد أروع تطبيقات تقنية البلوك تشين، ومع ذلك يمكن استخدامها دون الحاجة إلى تقنية البلوك تشين ذاتها، وقد أسهمت العقود الذكية في إيجاد حل لأهم المشاكل التي تواجه الاتفاقيات التي تتم بين المتعاملين بعيداً عن وجود أي وسيط أو طرف ثالث (البنوك أو المحاكم مثلاً)، ويُعرف العقد الذكي بأنه: عقد مبرمج إلكترونياً يتم تنفيذ بنوده بشكل تلقائي عند استيفاء الشروط التي حددها المتعاقدان.
من مزايا العقود الذكية رصد الوعود والالتزامات التعاقدية دون تدخل البشر، وهو ما يقلل من الأخطاء، ويخفض التكاليف، فضلاً عن إمكانية تبادل أي شيء كالأموال والأسهم والممتلكات بأمان وشفافية، وكل ذلك في وقت فعلي.

4.العملات المشفرة (Crypto Currencies):

أول ما يتبادر إلى ذهن المرء عند سماع مصطلح العملات المشفرة: عملة البيتكوين (Bitcoin )
وهي في الحقيقة تعطي مثالاً شائعاً عن العملات المشفرة غير أنها ليست وحيدة، وُتعرف العملة المشفرة بأنها: “عملة رقمية غير مركزية تستخدم التشفير (أي عملية تحويل البيانات إلى شفرات أو أكواد)؛ لإنشاء وحدات من العملة والتحقق من صحة المعاملات بعيداً عن الحكومات والبنوك المركزية”، ومن أنواع العملات المشفرة ما يلي:

البيتكوين (Bitcoin): بدأت فكرة البيتكوين من شخص مجهول تحت اسم مستعار (ساتوشي ناكاموتو)، وهو الذي صمَّم البيتكوين كطريقة دفع على الشبكات من صرف لآخر بشكل مباشر دون الحاجة إلى تدخل حكومي أو سلطة مركزية؛ لذلك فهي شكل من النقد الإلكتروني غير أنه يتم بطريقة مشفرة.

التوكن (TOKEN): التوكن هو تمثيل لشيء ما في نظامه البيئي، وقد يأخذ شكل قيمة أو مساهمة أو حق، وفي قاموس (Meriam Webster) نجد تعريف التوكن أنه قطعة تشبه عملة معدنية(coin) تصدر من شخص أو هيئة بخلاف الحكومة.

الإيثريوم (Ethereum ): طرحت عملة الإيثريوم من قبل المبرمج الروسي – الكندي فيتاليك بيوترين عام 2013 م، والإيثريوم يختلف عن شبكة البلوك تشين الأصلية التي صُممت لأغراض بناء تطبيقات لامركزية، وهذه التطبيقات تسمح للمستخدمين بالتفاعل بعضهم مع بعض بصورة مباشرة بدلاً من التواصل عبر وسطاء.

5. الذكاء الاصطناعي AI:

يسهم الذكاء الاصطناعي في تغيير وإعادة تشكيل الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم ومؤسسات الأعمال بشكل عام، ويتمثل الهدف الأساسي من تبني أي شركة للذكاء الاصطناعي في تبسيط أداء العمليات والخدمات لقاعدة عملائها، ويمكن الإفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل كبير جداً في القطاع المالي، وله تطبيقات عدة خاصة في البنوك، منها: (الخدمات المالية الشخصية، الخدمات المصرفية الصوتية، إجراء المعاملات البنكية عبر الأوامر الصوتية، المحافظ الذكية، الاكتتاب (التأمين)).

6 . تقنية نظم المدفوعات:

تعد منصات وأنظمة الدفع من أكثر التقنيات المالية انتشاراً واستخداماً، ومن أسباب استخدامها ما يلي:

  • معظم ما نقوم به كأفراد ومستهلكين هو الدفع (مثلاً: دفع فواتير الكهرباء والماء والخدمات المختلفة، دفع قيمة المشتريات، دفع المخالفات المرورية والرسوم وغيرها).
  • أن تطوير منصات الدفع يعد سهلاً مقارنةً بالتعقيدات التي تنطوي عليها التقنيات المالية الأخرى.

ماذا تشمل نظم المدفوعات؟

استطاعت التقنيات المالية تحسين خدمات المعاملات المالية بشكل ملحوظ، من دفع الفواتير إلى تحويل المدفوعات محلياً إلى اختيار البنك الأفضل للقيام بكل ما سبق.كما أصبحت عملية دفع الفواتير أسرع وأكثر أماناً وسهولة، وحلت تطبيقات المحفظة الإلكترونية على الهاتف المحمول مكان النقود الورقية في بعض المتاجر، فيما تتيح الشركات التي تتولى عمليات الدفع للأفراد إرسال الأموال على الفور داخل الدولة.

فرص عمل تحت الطلب:

  • أدوار البرمجة / المطور (Programming / Developer Roles).
  • مطور بلوكتشين (Blockchain Developer).
  • متخصصو الأمن السيبراني (Cyber Security Professionals).
  • مصمم تجربة المستخدم (User Experience (UX) Designer).
  • مصمم واجهة المستخدم (User Interface (UI) Designer).
  • مدير المنتجات الرقمية (Digital Product Manager).
  • محللون م اليون أو تجاريون ( Financial Or Business Analysts).
  • خبراء الامتثال (القانوني) ( Compliance (Legal) Experts).
  • علماء البيانات (مع استمرار شركات التكنولوجيا المالية في التركيز على تحسين عروضها وقدراتها، تحفز تحليلات البيانات هذه العملية) Data Scientists (As Fintech Companies Continue To Focus On Enhancing Their Offerings And Capabilities, Data Analytics Drives This Process).

ختاماً

تؤثر التقنيات المتطورة بشكل ملحوظ على الحياة اليومية، وفي المجال المالي، تؤثر هذه التقنيات على الكثير من الأعمال، بدءًا من سداد المدفوعات وصولاً إلى تهيئة البنية التحتية الأساسية المطلوبة لإنشاء مركز مالي عالمي.

تعِد التكنولوجيا المالية بإحداث ثورة في كيفية إجرائنا لتعاملاتنا المصرفية والمالية من خلال خفض حواجز الدخول وزيادة الكفاءة وإعادة تعريف تجربة المستخدم، إلخ، بطريقة مجدية التكلفة،ويؤثر الداخلون الجدد، ومنهم وحدات التجميع، ومقدمو حلول الدفع، والمنصات الإلكترونية عبر الإنترنت، وشركات التكنولوجيا الحالية والشركات المالية الناشئة، على عوامل القطاع الأساسية، في حين تتجه الشركات الحالية التي تعتمد تقنيات جديدة نحو مواصلة تكييف وتعديل نماذج أعمالها.

ونشير إلى قدرة التقنيات المالية ومساهمتها الكبيرة في تحقيق الاستقرار المالي، وذلك من خلال استخدام التقنيات مع ضمان الامتثال للقواعد التنظيمية وإدارة المخاطر، كما يمكن للتقنيات المالية المساهمة في تيسير التجارة الخارجية، وتحويلات العاملين خارجياً، وتعزيز التجارة الإلكترونية والسوق الإلكتروني بتوفير آليات تتسم بالكفاءة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى