المحافظ الإلكترونية

البنأ:المحافظ الإلكترونية لا تهدف لتحقيق الربح المالي

أ. سامي أمين البنأ
استشاري في مجال التطوير الإداري والحوكمة

حاورته : مروى العريقي

جاءت المحافظ الإلكترونية نتيجة تطورات عدة من عمليات المدفوعات الإلكترونية فقد كانت بطائق إلكترونية عبر صناديق الصرف الألية فصارت جزء من الرفاهية المقدمة من المؤسسات المالية في بعض البلدان،

وفي المقابل كان هناك تدخل من الدول ممثلة بالبنوك المركزية ومؤسساتها التشريعية. يتمثل في تسهيل فتح الحسابات المالية الإلكترونية لكافة المواطنين، الأمر الذي سهل انتشارها في دول مختلفة من العالم،

إلا أن استخدامها في اليمن لا زال مقتصراً على فئة محددة من الناس، تختص بعملاء المؤسسات المالية والبنوك التي أطلقت المحفظة الإلكترونية وتقدم تسهيلات ومساعدات في وصول عملائها إلى حساباتهم والتعامل من خلالها.

للحديث أكثر حول الموضوع مجلة مجتمع التكنولوجيا التقت بالخبير المصرفي سامي البنأ وأجرت معه الحوار التالي:

ماهي المحافظ الإلكترونية؟

المحافظ الإلكترونية (أو النقود الإلكترونية) هي نموذج لتقديم الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول وهي استجابة وتطور طبيعي لتوسيع الوصول للخدمات المصرفية والمالية عبر الهاتف المحمول الذي حققت فيه شركات الاتصال انتشار واسع فاقت مقدرة البنوك والمؤسسات المالية في الوصول للفئات المستهدفة.

ليتم السماح بالوصول المباشر من خلال الهاتف المحمول للعميل للخدمات المالية ولتشكل مرحلة جديدة من تطور نظام المدفوعات الإلكترونية والذي انحصر لفترة طويلة على تقديم البطائق الممغنطة عبر أجهزة الصراف الآلي.


لكن قبل الاستطراد في تعريف المحافظ الإلكترونية دعينا نتحدث عن الغرض من وسيلة الوصول هذه والهدف الذي تسعى إليه المحافظ الإلكترونية، وهو الشمول المالي والذي يمثل العصب أو النواة الذي تتحرك لتحقيقه المحافظ الإلكترونية فيما يتعلق بالخدمات المالية عموماً،

ويقصد به حق كل إنسان في الحصول على الخدمات المالية وهذا يعني حق الجميع، ويشمل الجميع من في الريف ومن في المدينة ويشمل الرجال والنساء والفئات الأشد حرمانا من الخدمات، بالإضافة إلى تطوير خدمات مالية تشمل الشباب والأطفال بمختلف قدراتهم المالية.


لكن هناك فجوة إلكترونية ما بين حصول الناس على هذه الخدمات وما بين ما هو متوفر للجمهور، فتظل حتى الآن المحافظ الإلكترونية تقدم خدماتها لعملاء البنوك أو من لهم حسابات مالية والأصل أنها تشمل الجميع.

ما الفرق بين المحافظ الإلكترونية والتطبيقات المالية الأخرى؟

يكمن الفارق الحقيقي بين المحافظ في (تقديم الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول) والتطبيقات المالية للبنوك هي في التسهيلات التي قدمها المشرع لمنهجية فتح الحساب وتسهيل الوصول من خلال الوكلاء للخدمة تعتبر الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية المنوطة بها لتحقيق الشمول المالي هنا الفرق.

عندما نتحدث عن النموذج المقترح لانطلاق شمول حقيقي من خلال المحافظ الإلكترونية فهذا يدفعنا للتحدث عن الأطراف المفترض العمل معها، حيث يتكون القطاع المالي في اليمن من بنوك تجارية وإسلامية وبنوك تمويل أصغر ومؤسسات وبرامج التمويل الأصغر وشركات الصرافة والتحويلات،

وقطاع الاتصالات والذي يتكون من شركات الاتصالات ووكلائها ونقاط الخدمة من محلات تجارية وخدمية منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية والتي يتحتم عليها تحقق الشمول المالي خاصة مع انطلاق المقسم الوطني للبدء بأعماله.

كيف يمكن تحقيق النجاح في عمل المحافظ الإلكترونية؟

لأن العملية تكاملية فلابد من التكامل في تقديم الخدمات المصرفية وفقا للتالي:

  • مؤسسات التمويل الأصغر والتي تقدم تمويلات لمشاريع الشريحة الأكبر من الناس، لابد أن يرتبط ذلك بفتح حسابات بالمبالغ البسيطة فالأشخاص الذين يحصلون على تمويلات من هذه المؤسسات، يمكنهم السداد عبر المحافظ الإلكترونية ما يوفر عليهم الجهد والوقت، ويسهل أيضاً طلب التمويل، والسداد وغيرها من الخدمات المالية الأخرى.
  • عملاء شركات الاتصالات الجدد كل من يقوم بفتح حساب جديد ويقوم بفتح حساب ليحصل على الخدمات المالية بشكل مباشر من خلال هاتفه.
  • الوصول لليمنيين الذين لديهم حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي والسماح لهم بالوصول للخدمات المالية من التطبيقات التي اختاروها ويعتمدوا عليها.
  • تحقيق انتشار واسع للخدمة لتصل لكل تجمع سكاني.
  • تحقيق الشمول المالي لمستفيدي المساعدات الإنسانية في اليمن وفتح حسابات لهم وعدم الاكتفاء بتوزيع المساعدة لهم.
  • فتح حسابات للمغتربين وتسهيل عملية التحويل لها وإدارة حساباتهم من المهجر.


واحدة من المشاكل التي نواجها في عمل المحافظ الإلكترونية داخل اليمن، أن اغلب المحافظ تنزل بشكل تنافسي والمفروض أن العملية تكون تكاملية وليست تنافسية بمعنى البنك الفلاني نزل محفظة والبنك الآخر نزل محفظة هذه المحافظ لابد من تفعيل الربط البيني، ويسهل التبادل النقدي بسلاسة بين المحافظ الإلكترونية المختلفة.

هناك بنوك لا تفضل الربط البيني مع أي جهة أخرى لعدم ضمان خصوصية عملائهم؟

هذا الدور الذي يجب أن يلعبه البنك المركزي للتسهيل على المواطنين والشركات المالية والبنوك، أنه يوجد ربط بيني يحقق المقاصة ويسهل عملية تبادل الأموال بشكلها الإلكتروني،

في المقابل هذا الموضوع يسهل على البنك المركزي أشياء كثيرة منها الرقابة على الأموال وتداولها فيما يتعلق بمكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وغيره والقضايا التي يسعى البنك المركزي دائما أنها تتحقق في جدوى التعاملات المصرفية التي تتم. فكل ما تمت «أتمتت» العمليات المصرفية كل ما كان النظر بشأنها أسهل، أيضاً الرقابة عليها تكون أسهل.

هل نستطيع القول بأن المحافظ الإلكترونية في اليمن مجرد تطبيقات مالية ولا أكثر ولا أقل؟

صحيح وهذا بسبب غياب مفهوم الشمول المالي كهدف وكوظيفه، فتجدي أن المحافظ الإلكترونية تنزل لتحقيق وظائف خدمية للمؤسسات المالية من شأنها تسهيل تعاملات عملاء البنوك والمؤسسات المالية نفسها، فكل بنك يهتم بعملائه فقط.

كيف سيتعامل الأميون مع المحافظ الإلكترونية؟

الشخص الأمي لديه هاتف ذكي ولديه حساب واتس اب ولديه حساب فيس بوك، طالما استطاع التعامل مع هذه التطبيقات لن يصعب عليه التعامل مع المحفظة الإلكترونية،

الأطفال مثلا هل يقرأون ويكتبون؟ لا، لكنهم يجيدون استخدام التطبيقات بكل سلاسة كونها عبارة عن أيقونات كذلك المحافظ الإلكترونية تدار من خلال أيقونات. وهنا يأتي الدور التقني وهذا يقودنا للحديث عن محور مهم في المحافظ الإلكترونية،

من الذي يقوم بالعمل على المحافظ الإلكترونية من هم التقنيين الذين يشتغلون على النظام، وعلى الواجهات، هل هذه المحفظة ونظامها مطورة محلياً أم مطورة خارجياً؟ هل التطويرات على المحفظة هذه صعبة أم سهلة؟ هل العملية معقدة؟

هل يتم تأهيل الكادر المحلي الذي يقوم بعملية بناء وبرمجة النظام أو لا؟ هنا تبدأ تظهر عندي فجوة تقنية لها بعد آخر غير البعد الإداري الذي تحدثنا عنه، هل لدينا كادر تقني مؤهل؟ وإن كان مؤهل هل احتكوا بتجارب دول أخرى؟

هل فعلا توجد جهات تهتم بالمحفظة الإلكترونية لدرجة أنها تقوم بتأهيل كادرها وتجعله يحتك بتجارب دول وشركات خارجية؟ بحيث أنه يعود ولديه خبره جيده،

يقوم بمعالجة الأيقونات والواجهات والنظام بشكل عام، ليس هذا فحسب هل سنستطيع تطوير الأدوات اللازمة ليصل العملاء للخدمات التابعة لنا من خلال تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي الذي اختاروها وعدم الحاجة لتنزيل تطبيق مستقل عند الإجابة على هذه التساؤلات يمكن أن نوجد شيء مختلف ومميز.

هل هناك فرق بين الريال الإلكتروني والأموال في المحفظة الإلكترونية؟

لا يوجد شيء اسمه ريال إلكتروني هناك خطأ في المسمى، الموجود فلوس كاش تحول تداولها إلكترونياً أي أن كل ما هو موجود في محفظتك الإلكترونية له غطاء من الكاش لدى بنك الخدمة، العملات الإلكترونية هذا موضوع آخر.
أما خدمة الريال الإلكتروني فهي مصطلح استخدم للتعبير عن محفظة إلكترونية تساعد البنوك والمؤسسات المالية وشركات الاتصالات في عمليات التداول النقدي وسداد المدفوعات المختلفة وتنفيذ التحويلات بشكل إلكتروني عوضاً عن تداول الكاش.

كيف نسهل استخدام الناس للمحافظ الإلكترونية؟

الجانب التشريعي معهم لتسهيل عملية الشمول المالي بإعطاء الحق للناس بفتح حساب مالي، وتبدأ الدولة تشجع هذا الجانب من خلال دفع الضرائب والزكاة وتسديد كافة الخدمات من فواتير ماء ونت وهاتف عبر المحافظ الإلكترونية حتى يقل اعتماد الناس على الكاش ويبدأون في الاعتماد على التعاملات المالية الإلكترونية، وكذا إلزام البنوك والمحافظ للربط البيني من خلال المقسم الوطني. وطالما لا يوجد تحفيز من الدولة يظل عند الناس تخوف وإحجام من التعامل بالمحافظ الإلكترونية.

ما هي مخاطر العمل على المحافظ الإلكترونية؟

في الغالب المخاطر تقنية كعدم جودة النظام الذي يشتغل عليه من عدة نواحي: الاختراق، قدرته على الاستمرار في العمل دون توقف، أو تعليق النظام، ضعف شبكة الأنترنت، التقنية التي بُني عليها النظام نفسه لابد أن يكون قوي ومرن قابل للتحديث المستمر، ومن المخاطر أيضاً استخدام الأنظمة والتقنيات من قبل مزودين خارجيين.

المخاطر الأمنية « الأمن السبراني» هو حماية كل البيانات الموجودة على الأنترنت هل الأنظمة هذه محمية بالشكل الصحيح والمطلوب من هم الناس المؤهلين الذين يقومون بعملية الحماية ومكافحة عملية الاختراق المحتمل حدوثها أو مخاطر الاحتيال،

وهذه قد تحدث نتيجة جهل الأفراد الذين يستخدمون هذه المحافظ وذلك مشابه لحوادث اختراق تطبيق “واتس اب” مثلاً هذا الاختراق لا يحدث نتيجة ضعف في شركة واتس اب وإنما في ضعف وعي المستخدم، فالتعامل مع المحافظ الإلكترونية كالتعامل مع المحفظة العادية ينبغي الحرص عليها وحمايتها ولا تكون عرضه لاستخدام الآحرين أو حتى الوصول أليها مهما كانت درجة القرابة.

ماذا يعني استخدام التقنيات الخارجية؟

شراء نظام من مزود تقني خارج البلد، قد يكون نظام فرنسي أو كندي أو هندي، مجرد حدوث خلاف بين البنك أو الشركة المحلية المستوردة لهذا النظام والمزود الخارجي لهذه الخدمة ممكن أنه يغلق النظام ولن تجد له طريق.

الظروف في البلد متهيئة للعمل في المحافظ الإلكترونية كانتشار استخدام الهواتف الذكية وتلف العملة الورقية فما الذي يؤخر استخدامها؟

سأضرب مثال بسيط للإجابة على هذا السؤال.. ما الذي شجع الناس لاستخدام الطاقة الشمسية؟ هو غياب الكهرباء. استخدام الناس للطاقة الشمسية بهذا الشكل هم في الحقيقة اختزلوا خطة 30 سنة للتوعية بأهمية الطاقة البديلة، خلال سنتين أصبحت الغالبية العظمي من الناس تستخدم الطاقة البديلة وأصبح الوعي لديهم بأنواعها وكيفية عملها وكافة تفاصيلها،

هذا ينطبق بحذافيره على المحافظ الإلكترونية، وهنا ضروري وجود توجه من الدولة لا أقول بإلغاء التعامل مع الكاش ولكن دفع الدولة وتشجيعها للناس بسداد رسومها عبر الخدمات الإلكترونية. والتشجيع ممكن يتم عبر طرق سهله مثلا لديك خصم بنسبة كذا % عبر دفعك أو سدادك من المحفظة الإلكترونية وغيرها من الأساليب.

أتذكر أول ما تم إيداع الرواتب عبر صناديق الصرف الآلية كان هناك تخوف من الناس بمجرد ما ينزل الراتب كان يتم سحبه بالكامل لكن بعد مرور فترة أصبحوا مطمئنون وعندهم وعي وثقة تجاه التعامل من خلال صناديق الصرف الآلية وهذا ما يجب حدوثه بالنسبة للمحافظ الإلكترونية.

ما هي نصيحتك للمؤسسات المالية والمصرفية؟

من خلاصة تجربة مررت بها انصح بضرورة وجود مزود خدمة محلي، كادر تقني مدرب ومؤهل قادر على تقديم خدمة تقنية جيدة، لأنني واجهت مشكلة التعامل مع مزود خدمة أجنبي وفي لحظة ما اختفى تماماً وكان هذا في فترة انتشار كـوفيد19 وهذا ما صعب حتى السفر إليه، وواجهنا تحدي كبير،

وكان لشركة «واي سيس» فضل وجهد كبير في تجاوز هذه الأزمة وكان لديهم فريق محلي جاهز لخوض هذا التحدي بالإضافة لفريق الشركة التي كنت اعمل فيها سابقا وبظرف 48 ساعة استطعنا الخروج بنظام جديد ادهش الجميع وبمساندة البنك المركزي الذي حثنا على التطوير المتسارع للخدمة.

وهل يوجد مزود محلي قوي؟

لا أقلل من قيمة أي أحد في السوق لكن أي مزود محلي يحتاج إلى التطوير المستمر وأن يحتك بتجارب دول سبقتنا في هذا المجال، ويحتاج أن يستثمر في الأفراد بتدريبه لهم خارج البلاد كي يتعرف على مشكلات جديدة ويشوف الناس كيف تتعامل معها لا أن نكتفي بوجود عباقرة فقط، الشركات كثيرة لكن من منها مهتم بتطوير كادره؟ فالجميع يرفضون تأهيل الكادر خوفا من أن يذهب بعد التأهيل إلى شركات أخرى.
لذا اقترح أن يكون هناك مبادرة حاضنة لهذا القطاع التطويري المهم، والدولة ممكن تقوم بجزء من هذا الدور وتساعد في التأهيل المستمر لضمان جودة المستقبل للجميع.


شكرا لك أستاذ سامي. -شكرا لكم..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى