
الذكاء الاصطناعي-Artificial Intelligence
الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) مفاهيم حول الشبكات العصبية، تعلم الآلة، التعلم العميق وعلم البيانات
مؤخرا بتنا نسمع كثيرا عن مصطلحات مثل الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence، تعلم الآلة Machine Learning والتعلم العميق Deep Learning وهي متقاربة في المعاني فتخلق بعض الغموض ربما. في هذا المقال سنحاول إيضاح كل منها وعلاقتها ببعضها وبعلم البيانات Data Science.
م . طارق المحمدي – مستشار تقني
يعرف الذكاء الاصطناعي (يختصر AI) بأنه قدرة نظام ما على إدراك بيئته واتخاذ قرارات تزيد فرص تحقيق أهدافه.
بينما الشبكات العصبونية أو العصبية الاصطناعية (تختصرANN) عبارة عن نظام حاسوبي مستوحى من الشبكات العصبونية الحيوية الموجودة في أدمغتنا (وإن كنا لا نعلم حقيقة مدى التشابه بينهما واقعيا).
ويعرف تعلم الآلة ML بأنه مجال دراسة الخوارزميات الحاسوبية القادرة على تطوير ذاتها بناء على الخبرة واستنباط البيانات.
يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي مفهوم عام تندرج في أطارة عدة مجالات أو تقنيات منها الشبكات العصبية الاصطناعية وتعلم الآلة.
التعلم العميق Deep Learning أوDL هو أحد الطرق الحديثة لتعلم الآلة ويعتمد بشكل رئيس على الشبكات العصبية الاصطناعية ذات التعلم التمثيلي Representation Learning.
التطور التاريخي
تبلورت أفكار الشبكات العصبية الاصطناعية Artificial Neural Networks في أربعينيات القرن الماضي ولكن توقف العمل على تطويرها وبدلا من ذلك تطورت فكرة الذكاء الاصطناعي في خمسينيات القرن الماضي في كلية دارت موث وسرعان ما تم تمويل أبحاث الذكاء الاصطناعي من قبل وزارة الدفاع في الولايات المتحدة خلال عقد تقريبا ثم تطورت معامل الذكاء الاصطناعي حول العالم. نظرا للتقدم البطيء في مجال الذكاء الاصطناعي توقف تمويل الأبحاث في بريطانيا وأمريكا في السبعينيات وبقيت عملية تمويل الأبحاث متقطعة حتى تسعينيات القرن الماضي حيث نجحت الشبكات العصبية الاصطناعية في توقع سوق الأسهم والسيارة ذاتية القيادة.
في العقود الأخيرة توسعت تقنيات الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبونية الاصطناعية وتعلم الآلة Machine Learning وزادت ثقافة مشاركة الأبحاث والبرمجيات المجانية مفتوحة المصدر حتى برزت ثورة التعليم العميق Deep learning في 2012 لتحصد الجوائز في التعرف على الأنماط والكتابة وتجاوزت الأبحاث المتعلقة بهذه المجالات في السنوات الأخيرة ضعف ما كانت عليه قبل 2015. لعل التعلم العميق اكتسب شهرته الواسعة خلال فوز خوارزمية من AlexNet بتحدي ILSVRC باستعمال مجموعة البيانات ImageNet في 2012 وذلك بالمركز الأول وبفارق كبير جدا عن المركز الثاني.
ترتكز الشبكات العصبية الاصطناعية على منطق بدأ تأسيسه في عشرينيات القرن الماضي يعرف بالمنطق الضبابي Fuzzy Logic ويقوم على أساس قيم احتمالية بين 0 و1 بدلا من قيمتين منطقيتين فقط كما في المنطق الثنائي.
أنواع الذكاء الاصطناعي
يمكن تقسيم الذكاء الاصطناعي إلى:
- ذكاء صناعي ضيق: يتخصص في مجال محدد كما في برامج لعبة الشطرنج مثلا.
- ذكاء صناعي عام: يمكنه حل أكبر عدد ممكن من المشاكل المتنوعة.
- ذكاء صناعي فائق: يمكنه افتراضا التفوق على أذكى العقول البشرية في كل المجالات تقريبا.
لا يزال النوعان الأخيران بعيدا المنال ويصعب الحكم عليهما في الوقت الراهن وبالطبع يستحيل وجود ذكاء مطلق أو كامل وفقا لمبرهنة عدم الاكتمال.
الشبكة العصبية الاصطناعية ANN
تتألف الشبكة العصبية الاصطناعية من مجموعة من العقد المشابهة في شكلها البسيط للعصبونات Neurons الموجودة بالدماغ بحيث تبدأ باستلام البيانات من طبقة تعرف بطبقة المدخلات Input Layer وتعالجها قبل إخراج النتائج النهائية إلى طبقة المخرجات Output Layer. قد توجد بين طبقتي المدخلات والمخرجات طبقة أو طبقات متتالية تعرف بالطبقات الخفية Hidden Layers بحيث تتصل كل عقدة مع جميع العقد المؤلفة للطبقة التالية لها مباشرة ويحمل الرابط بين كل عقدتين وزنا معينا Weight ودالة تفعيل الخرج Activation Function.
يتم حساب قيمة كل عصبون في الطبقات الداخلية بضرب قيم الطبقة السابقة مباشرة في أوزانها وإضافة قيمة ثابتة تعرف بالانحياز bias. بعد ذلك تمر النتيجة بدالة التفعيل وقد تكون هذه الدالة بسيطة مثل دالة الخطوة وتدعى بيرسيبترون perceptron أو دالة أسية مثل سيجمويد sigmoid، الظل الزائدي tanh ودالة ReLU.
يمكن أن تكون الشبكة العصبونية الاصطناعية ذات تغذية أمامية Feedforward حيث تكون البيانات باتجاه واحد فقط من الدخل إلى الخرج ويمكن أن تكون شبكة معاودة Recurrent حيث يمكن إعادة بيانات الخرج للدخل.
في التعلم العميق، تستعين الآلة ببيانات ضخمة وتصميمات مختلفة الشبكات مثل الشبكات المتكررة RNN التي تستخدم بكثرة مع النصوص والبيانات المستمرة، والشبكات العصبونية الالتفافية CNN التي تستلهم فكرتها من العمليات الحيوية في الفص البصري.
نماذج التعلم
توجد ثلاث نماذج شهيرة لتعليم الآلة هي:
التعلم بالإشراف Supervised learning، ومهمته استنتاج متغير من مجموعة بيانات تدريبية معنونة. يوجد زوج من المدخلات والمخرجات المرغوبة ويكون غرض التعلم هو الحصول على الخرج المرغوب لكل دخل يقابله بناء على أمثلة تربط بين الدخل والخرج.
التعلم بدون إشراف Unsupervised learning، وفيه يتم تعلم الأنماط من خلال بيانات غير معنونة بناء على فكرة التقليد التي يقوم بها الإنسان أحيانا. على عكس التعلم المراقب وبدلا من عنونة البيانات مثل “كلب”، “كتاب”، فإن التعليم غير المراقب يتعرف على الأنماط في صورة كثافة احتمالية.
التعلم المعزز Reinforcement learning ويعتمد كيفية اتخاذ القرارات في بيئة ما (دون الحاجة لبيانات معنونة) لغرض تعظيم فكرة المكافأة التراكمية وبالتالي إيجاد توازن بين استكشاف المجهول واستغلال المعلوم.
تعـــــــد خــوارزمية الانتشـــــــــــار العكســـــي Backpropagation الأكثر شيوعا في تدريب الشبكات العصبية حيث يتم البدء بأوزان عشوائية ثم حساب المخرجات لكل عصبون في كل طبقة وبعدها يتم حساب دالة الكلفة cost function لتقدير قيمة الخطأ في المخرجات. بعد ذلك يتم تحديث الأوزان لتقليل دالة التكلفة بصورة تكرارية عبر خوارزمية الأصل المتدرج Gradient Decent Algorithm.
لغات البرمجة
يمكن اعتماد أي لغة برمجة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي ولكن هناك لغات شهيرة وغنية بمكتبات تدعم الذكاء الاصطناعي مثل: Python (الأكثر شيوعا اليوم)، ++Java ،LISP ،Prolog ،C.
تشتهر بايثون بسهولة تعلمها والتعامل معها كما أنها غنية بمكتبات خاصة بمتطلبات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق مثلTensorFlow ،Pandas ، SciPy ،nltk ،PyTourch ،Keras.
بالمقابل فلغة LISP ورغم قدمها، قد يجد الهواة صعوبة في التعامل مع تعبيراتها.
لغة جافا تشتهر بها مؤخرا تطبيقات الهواتف الذكية كما في أنظمة أندرويد وبدأت الشركات الاهتمام بإدخال الذكاء الاصطناعي إلى الجوالات مثل تطبيقات FaceApp وGoogle Assitant. من مكتبات جافا الخاصة بالتعلم العميق: Deep Java Library ،KubeFlow ،OpenNLP ،Java Machine Learning Library ،Neuroph.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي
تنامت تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق بشكل متسارع وتنوعت في مجالات عديدة يصعب حصرها هنا كما أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تصبح معهودة بكثرة يتم التغاضي عن تصنيفها بالذكاء الاصطناعي في ظاهرة باتت تعرف بـ”تأثير الذكاء الاصطناعي AI effect”.
يوجد الذكاء الاصطناعي في محركات البحث مثل Google Search، الإعلانات الموجهة مثل AdSense وفيسبوك، الدعم الافتراضي كما في برامج سيري واليكسا، العربات ذاتية القيادة مثل الطائرات المسيرة أو الدرون، والسيارات ذاتية القيادة، الترجمة الآلية للغات مثل برنامج Google Translate،
التعرف على الوجوه وتصنيف الصور وتمييز الأنماط والكتابة وتمييز الرسائل المزعجة spam، وألعاب الذكاء الاصطناعي مثل لعبة AlphaGo ومعالجة اللغات الطبيعية Natural Language Processing وفي مجتمعنا العربي تدور الكثير من الأبحاث العلمية المتعلقة بتطوير الترجمة الآلية ومعالجة النص العربي بالاستعانة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي.
في الصناعة أيضا يشق الذكاء الاصطناعي طريقه لحل المشكلات وتحسين الأداء في صناعات وتقنيات مختلفة مثل تخزين الطاقة، الزيف العميق، التشخيص الطبي، إدارة سلسلة الإمداد، والتحكم الاصطناعي المتقدم Industrial Automation والمعزز بالشبكات العصبية الاصطناعية.
يساهم الذكاء الاصطناعي أيضا في تطوير أبحاث واجهات الدماغ الحاسوبية BCI وعلاج بعض المشاكل المتعلقة بالنطق والشلل.
يلعب الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة أيضا دورا في تطوير أبحاث العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء التطورية.
يستعين علم البيانات Data Science بتقنيات التعلم الآلي لتحليل Analysis بيانات عشوائية ضخمة مهيكلة وغير مهيكلة والخروج بمعلومات وتوقعات Analytics ذات جدوى.
انتقادات وقيود
رغم التطور الهائل في أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي إلا أنه ما يزال يحمل بعض المخاطر المتعلقة بالسلامة والصحة. في 2018 مثلا فشلت إحدى السيارات ذاتية القيادة في التعرف على أحد المشاة وتسببت بمقتله بعد الاصطدام. كذلك فشل نظام IBM Watson في تطبيقات الرعاية الصحية بعد سنوات واستثمارات ببلايين الدولارات.
كذلك قد يوجد تحيز في النتائج المتوقعة نتيجة عدم دقة أو كفاية بيانات التعلم كما حدث مع محرك بحث الصور Google Photos ولبسه بين الغوريلا وذوي البشرة السوداء ومع خطأ أحد بوتات دردشة مايكروسوفت.
بالمثل هناك انتقادات حول الشبكات العصبونية الاصطناعية وخاصة في مجال الروبوتات تتعلق بكمية البيانات الهائلة المطلوبة لعملية التعلم.
هناك أيضا بعض التحفظات وتخوف من أن تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف لمزيد من العطالة ولكن يمكن حلها عبر توزيع الأرباح بشكل عادل.
أخلاقيات
نظرا للتطور الهائل في مجال التقنية والروبوتات وتجنبا للمشاكل المستقبلية التي قد يخلقها الذكاء الاصطناعي فقد اقترحت مجموعة ضوابط وأخلاقيات تربط العلاقة بين البشر والآلات الذكية مثل الروبوتات.