ثورة طبية تقودها التطورات التكنولوجية

ثورة طبية تقودها التطورات التكنولوجية

لقد أصبح المهنيون الطبيون قادرين على تطوير علاجات جديدة كان يُعتقد في السابق أنها مستحيلة، فالتطورات التكنولوجية الحديثة أحدثت ثورة في الطب الحديث، كتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد للأعضاء البشرية والتي ستنقل مستقبل الطب التجديدي إلى آفاق أكثر اتساعاً، كذلك تقنية استخدام الروبوتات النانوية لتوصيل الأدوية داخل الجسم، وغيرها من التقنيات الحديثة.

1. الطباعة ثلاثية الأبعاد للأعضاء البشرية.. مستقبل الطب التجديدي.

إن التطورات المتسارعة للتقنيات في الحقل الطبي تحمل مستقبلاً واعداً في مجال الطب التجديدي مع إدخال تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد واستعمالها في تشكيل وهندسة وزراعة بعض أعضاء جسم الإنسان، مثل البشرة والأوعية الدموية وغيرها.

ويعود تاريخ طباعة الأعضاء البشرية إلى أول عملية زراعة كلية في العالم في 1954م، مع العلم أن الجسم البشري يتجدد بطبيعته، حيث تتغير البشرة كل أسبوعين وتُستبدل خلايا الدماغ كل عشرين سنة.

إن الطب التجديدي يرتكز على أخذ عينة من أنسجة الجسم ومعالجتها وتوفير البيئة الملائمة لها لتنمو ومن ثم زرعها في المكان المصاب،

مع العلم أن هذه العملية تأخذ بشكل عام حوالي ستة أسابيع، وهناك أربعة مستويات لمدى صعوبة تشكيل وزراعة البنى أو الأعضاء البشرية،

فعلى سبيل المثال تعتبر بشرة الإنسان الأقل تعقيداً في هذا الخصوص، تليها الأوعية الدموية، ثم أعضاء مثل المثانة والمعدة، بينما الأكثر تعقيداً هي أعضاء مثل القلب والكبد،

ويكمن التحدي الذي نواجهه الآن في كيفية توسعة إنتاج الأعضاء القابلة للزراعة وتوفيرها لمئات آلاف المرضى الذين هم بحاجة إليها.

إن تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تم البدء باستخدامها منذ حوالى 12 عاماً في مجال الطب التجديدي، تعتمد على وضع الخلايا فيها، تماماً مثلما يتم وضع الحبر في الطابعات التقليدية، لتنتج بعد ذلك بنى الأعضاء البشرية.

وميزة استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد تكمن في قابلية أتمتتها، ومساهمتها في زيادة تشكيل الأعضاء، وإنتاجها على نطاق أكبر، فضلاً عن الدقة الكبيرة التي تتمتع بها.

وهذه التقنيات متوفرة في بعض مستشفيات الدول المتقدمة وجاري محاولات اقتنائها من بعض مستشفيات الدول العربية الكبيرة.

2 . الاستفادة من الحواسيب في بناء نظام مناعي للكوكب من الجوائح المستقبلية..

في العام 2020م، لعبت أجهزة الكمبيوتر العملاقة دوراً رئيسياً في مكافحة كوفيد-19، حيث سلطت الضوء على العديد من التفاصيل حول المرض وسلوك الفيروس،

بما في ذلك المدة التي يمكن أن تبقى فيها قطيراته في الهواء، وتحديد جين (F8A2) الذي قد يفسر جزئياً لماذا يكون بعض الناس أكثر عرضة للإصابة بـ كوفيد عن غيرهم.

من خلال هذه المعلومات حددت فرق البحث التي تستخدم الحواسيب العملاقة عقارين لمكافحة كوفيد، بعد مسح مكتبة رقمية تضم حوالي 1600 عقار، بالإضافة إلى المركبات الموجودة في النباتات الطبية التي قد يكون لها خصائص مضادة للفيروسات.

وبمجرد أن تحدد نماذج الحواسيب العملاقة المستقبلية العلاجات المحتملة لقمع تفشي الأمراض المستقبلية، يمكنها المساعدة في تحديد أفضل طريقة للاستجابة – إما عن طريق الوسائل التقليدية، مثل الأدوية الفموية أو اللقاحات، أو المزيد من الأساليب التجريبية.

بالإضافة إلى أهميتها في توزيع العلاجات المناسبة بسرعة وبشكل عادل، فقد يكون من الأفضل يوماً ما إضافتها إلى مياه الأمطار أو مياه الشرب، جنباً إلى جنب مع العقاقير الكيميائية للإسراع في عملية العلاج.

بالطبع يمكن أن يثير مثل هذا التوسع الكبير في المراقبة والعلاجات مخاوف بشأن الخصوصية والحرية الشخصية، ولكن عواقب انتشار مثل هذه الجوائح وخيمة وتستدعي اتخاذ خطوات للتأكد من أن نظام المناعة الكوكبي عادل وشفاف لكل البشرية.

ولذلك يعمل باحثون بشكل كبير على إنجاح هذا النوع من أنظمة المراقبة العالمية في مقاومة تفشي الأمراض، التي يمكن استخدامها لمعالجة المخاوف الصحية العالمية الأخرى.

ومن خلال تجربة ما حصل خلال كوفيد – مقدار المعاناة والخسائر التي حصدت الملايين من البشر – فإن كوفيد لم ينته بعد، ونعلم أن الوباء والجائحة قادمة. ويمكن من خلال النجاح في تثبيت نظام مناعي كوكبي أن نحافظ على سلامتنا.

3. الروبوتات النانوية الوسيلة الأفضل لتوصيل الأدوية داخل الجسم.

مع الطب النانوي لا حاجة للأطباء فاستثمارات الطب النانوي ستصل إلى مليار دولار عام 2025م، و19 ترليون دولار عام 2050م. ومن المتوقع أن تزداد طرق الرقابة على الصحة مع التطور الكبير الذي تشهده الإلكترونيات المدمجة داخل جسد الإنسان،

وهي عبارة عن رقائق ومستشعرات إلكترونية دقيقة يمكن زرعها داخل الجسد لمراقبة معدل نبضات القلب، ووظائف الكبد والكلى والجهازين الهضمي والتنفسي، ونشاط الدماغ، بحثاً عن أي مخاطر يمكن أن يتعرض لها البشر.

ويمكن لهذه الأجهزة نفسها أيضاً إطلاق الأدوية حسب الحاجة، حيث ستكون مفيدة بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من أمراض السكري والاضطرابات العصبية.

ويوجد نوعان من هذه المستشعرات، الأول الذي يراقب وظائف الجسد، والثاني الذي يضخ الأدوية لعلاج الخلل المكتشف.

ومن المتوقع أن ينتشر أيضاً استخدام الروبوتات النانوية بشكل هائل، وهي عبارة عن روبوتات صغيرة جداً لا يتجاوز قطرها بضعة مايكرونات،

وهي أساس ما يعرف باسم الطب النانوي. ويأخذ الطب النانوي أشكالا متعددة، بما في ذلك المستشعرات النانوية والروبوتات النانوية.

وتظهر مستشعرات النانو على شكل آلات صغيرة مجهزة ببواعث راديو أو مقاييس طيفية، وسيتم إدخالها داخل الجسد لفحص دم المستخدم،

بحثاً عن علامات عدم التوازن الكيميائي أو البكتيريا أو الفيروسات أو الخلايا السرطانية، وكل ما من شأنه تعريض صحة البشر للخطر.

ومن المرجح أن تصبح الروبوتات النانوية الوسيلة السائدة لتوصيل الأدوية إلى الأنسجة والخلايا المريضة. وقد أثبتت الجسيمات النانوية،

التي تحتوي على سم النحل أنها فعالة جداً في قتل الخلايا السرطانية من دون أن تصاب الخلايا السليمة بالأذى، عكس ما يحدث في العلاجات الكيماوية التي تستخدم في محاربة السرطان.

وستقل الحاجة إلى الفحوصات والكشوفات الطبية المباشرة، حيث ستقوم الأجهزة والتطبيقات والذكاء الاصطناعي بإجراء كشوفات دقيقة جديدة، ووصف العلاج المناسب من غير الحاجة لرؤية الطبيب،

الذي سيتراجع دوره كثيراً في المستقبل، وحتى في العمليات الجراحية ستقوم الروبوتات بأغلب العمل إن لم يكن كله.

بشكل عام، للتكنولوجيا تأثير عميق على الطب الحديث. ومع استمرار تقدمها يمكننا أن نتوقع تطورات أكثر إثارة في مجال الطب خلال السنوات المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى