المسابقة السنوية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية وجهة لتحقيق الطموح وتوجيه المسار نحو مستقبل يزهر بالمبدعين والمبتكرين

المسابقة السنوية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية

في العام 2021م، دشنت الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار أعمالها من العاصمة صنعاء، كواحد من أهم منجزات الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة “يد تحمي ويد تبني”.


وخلال عامين من العمل المستمر حاولت الهيئة جاهدة تهيئة بيئة محفزة وداعمة للتميز والإبداع والابتكار والبحث العلمي في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار والمساهمة في تعزيز العلاقة بين المؤسسات العلمية والهيئات البحثية من جهة والوحدات الاقتصادية في القطاع العام والمختلط والخاص من جهة أخرى لتوظيف العلوم والتكنولوجيا والابتكار في بناء اقتصاد مستقل مبني على المعرفة والبحث العلمي، إضافة إلى دعم ورعاية المبدعين والمبتكرين من خلال عدد من المشاريع، أبرزها المســـابقة الوطنية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية، التي طوت خلال الأسابيع المنصرمة الموسم الخامس من المضمار الأكبر من نوعه في البلد.
انطلق الموسـم الخامس من المســـابقة برعاية رئيس المجلس السياسي الأعلى حاملا أهدافا شتى، أبرزها نشـــر ثقافـــة الإبداع والابتـــكار في ســـبيل بناء أمـــة مبدعة ومبتكرة، واكتشـــاف ودعـــم ورعاية وتشـــجيع المبدعين والمبتكرين والمخترعين وتنمية قدراتهم في شـــتى المجالات عبر مراحل مختلفة من التدريب والتأهيل المســـتمر مســـنودة بمخيم الإعداد والتطوير وتمويل وتســـويق مشـــاريعهم الإبداعية والابتكارية.

رؤية مستقبلية

ترى قيادة الهيئة أن «الابتكار لم يعد ترفاً، بل ضرورة قصوى لتحقيق نمو اقتصادي مستدام لا يعتمد على الموارد المادية والثروات الطبيعية فحسب بل يعتمد بدرجة أكبر على قدرات موارده البشرية وتحديدا القدرات العلمية والتقنية، وكيفية الاستفادة منها في تحقيق أهدافه التنموية والصناعية، وهو أيضا فرض عين لتحقيق الاستقلال وحماية السيادة وبناء البلد على المستويات العسكرية والسيبرانية والأمن الغذائي».
تعد المسابقة أحد أبرز الوسائل لاكتشاف ورعاية وتشجيع المبدعين والمبتكرين والمخترعين في مجال العلوم والتكنولوجيا ودعم وتسويق مشاريعهم الابتكارية وإخراجها إلى الواقع التطبيقي، وهي آخذة عاما بعد عام في التطور لتجاوز الإشكاليات التي رافقت الأعوام التي سبقت، أملاً في الوصول إلى أفضل النتائج، ولضمان العدالة للمشاريع الشخصية حيث خصصت الهيئة هذا الموسم جائزة منفصلة للمشاريع المدعومة من قبل المؤسسات فيما ثلاث جوائز للمشاريع الذاتية.
ومنذ يناير الماضي خصصت الهيئة بوابة إلكترونية للتقديم للمسابقة، ومع انتهاء فترة التسجيل، بلغ عدد المشاريع المتقدمة عبر الموقع الإلكتروني للهيئة 813 من 19 محافظة و3 مشاريع من خارج اليمن، تأهل منها 64 مشروعا لخوض غمار المنافسة في 3 مراحل.
وقبل الشروع في المنافسة خاض أصحاب المشاريع البالغ عددهم 104 شاب وشابة تجربة فريدة ضمن المخيم التدريبي المصاحب للمسابقة الهادف إلى إكساب المتسابقين مهارات العرض والتقديم ودراسة الجدوى والتسويق وإدارة المشاريع والتفكير الإبداعي، في إطار سعي الهيئة لتأسيس منظومة الابتكار وتأهيل المبدعين اليمنيين.

فائدة مستدامة

يقول المشاركون في المسابقة إن المخيم التدريبي ترك انطباعًا إيجابيًا لديهم من خلال ما اكتسبوه فيه من مهارات وخبرات ومعلومات تكاد تكون جديدة على أسماعهم، إذ لم يكتسبوا في سنوات التحصيل العلمي في المدرسة والجامعة والمعهد التدريـــب على الطرق العلمية والعملية الصحيحة لعرض وتســـويق المشـــاريع للمستثمرين للحصول على التمويل اللازم لذلك وإقناعهم.
تتميز المسابقة بكونها تعد فرصة لتشبيك العلاقات مع رجال الأعمال من خلال المتابعة المستمرة من الهيئة لأصحاب المشاريع والبحث المستمر عن داعمين، إلى جانب مبادرة الهيئة لدعم المشاريع ذات الجدوى العالية، كما أنها منصة لتوفير فرص عمل للشباب من خلال إبراز خبراتهم وقدراتهم للجهات الراغبة بالتعاقد معهم وتوظيفهم فهي تعتبر منصة تشـــاركية بيـــن المتســـابقين والجهات والمؤسســـات والشركات الحكومية والتنموية والاستثمارية والتمويلية، وتهدف لتقديم الدعم الفني والتقني والاستشـــاري للمشـــاريع المتأهلة في المسابقة.

مراحل إبداعية

3 مراحل تنافس فيها الشباب أمام لجنتي التحكيم العلمية والاستثمارية، ليؤكد 4 منهم بعد عرض الفكرة وتطبيق المشروع أن تلك المشاريع استحقت نيل اللقب من خلال إثباتها أنها قابلة للاستمرار والاستدامة.
شملت المرحلة الأولى، التي ضمت 64 مشروعا، عرض الفكرة ومستوى واقعيتها وقابليتها للتطبيق، بينما ركّزت المرحلة الثانية على تطبيق الفكرة وتجربتها وقدرتها على المنافسة وضمت نصف عدد المشاريع التي شاركت في المرحلة الأولى، أما المرحلة الثالثة التي وصل إليها 16 مشروعا فارتبطت بالسوق وجدوى الاستمرار والصمود.
ركزت المسابقة على أن يكون المشـــروع إبداعيـــاً أو ابتكاريـــاً أو رياديـــاً وذا جـــدوى اقتصادية تلبي احتياجات سوق العمل، وألا يكون المشـــروع قد شـــارك في أحد المواســـم الســـابقة للمسابقة، ما لم يقم صاحب المشروع بإحداث تطويرات جوهرية، إضافة إلى أن يكـــون الجهـــاز أو خـــط الإنتـــاج المطبقـــة عليـــه مبادئ الهندســـة العكسية قابل لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
3 مشاريع فردية نالت لقب المسابقة بالاضافة إلى مشروع مدعوم من قبل المؤسسات المهتمة بدعم المشاريع الريادية والابتكارية، وحازت هذه المشاريع على الجوائز الكبرى المخصصة للموسم وهي السيارات، بالإضافة إلى مليون ريال لكل مشروع من الاتحاد العام للغرف التجارية.

فائزون باللقب

في المشاريع الفردية فاز «تصنيع مكائن الفرازة الرقمية وتقطيع المعادن» للمهندس عبد الرحمن الهجري، وهو عبارة عن ورشة تصنيع متخصصة في مكائن التحكم الرقمي CNC، تهدف إلى توفير حلول تصنيع متكاملة وخدمات متميزة للعملاء، وتسعى لتحسين كفاءة العمليات الصناعية وتقليل التكاليف من خلال تصميم وتصنيع مكائن CNC متطورة وذات جودة عالية لتلبية الاحتياجات في مختلف الصناعات.
المشروع الثاني الحاصل على الجائزة الكبرى هو فريق «خبراء الهندسة الصناعية (صناعة الآلات المختلفة)» يمثل الفريق المهندس عبد الله القطابري، وهو شركة تصنع قطع غيار صناعية وآلات تعبئة وتغليف بجودة عالية وتصميم حسب الطلب. تهدف الورشة إلى تحسين كفاءة العمليات الصناعية وتلبية احتياجات الصناعات المختلفة، وتوفير منتجات عالية الجودة وخدمات مميزة. وتعتبر الورشة الخيار المثالي للشركات الصناعية التي تحتاج إلى تصنيع قطع غيار صناعية خاصة بها أو تطوير آلات تعبئة وتغليف جديدة تلبي احتياجاتها الفريدة.
المشروع الثالث كان للمهندس محمد الزراعي، وهو «أجهزة تعويضية للمعاقين»، ويهدف إلى تصنيع أجهزة تعويضية تناسب الظروف المحلية بأسعار مناسبة للأسر البسيطة، بهدف توفير الحلول المستدامة لذوي الاحتياجات الخاصة وتقليل الاعتماد على الاستيراد. يعد المشروع حلاً مستداماً لتلك المشكلة، ويساعد في توفير أجهزة تعويضية عالية الجودة ومتينة لتلك الفئة من المجتمع.
أما المشروع الفائز عن مسار المشاريع المدعومة من قبل المؤسسات فكان «آلة فصل الحليب وتحضير السمن أوتوماتيكيا مع نظام مراقبة عن بعد» لمجموعة من الفتيات، ويهدف إلى تطوير جهاز آلي لفصل الحليب وتحضير السمن بشكل كامل، من خلال نظام تحكم ومراقبة عن بعد، وتحسين جودة المنتج وزيادة كفاءة الإنتاج وتقليل الوقت والجهد اللازمين. كما يهدف المشروع إلى دعم الاكتفاء الذاتي في إنتاج مشتقات الألبان وتحسين الصحة العامة وتوفير فرص عمل جديدة في مجال صناعة الأجهزة الزراعية والغذائية، وتحسين الاقتصاد المحلي.

جوائز أخرى

وثقت الهيئة مراحل المسابقة في برنامج تلفزيوني بث لاحقا في 9 قنوات وطنية وخصصت جوائز مالية تشجيعية للمغادرين في المرحلة الأولى بلغت 3,200,000 ريال لـ 32 مشروعا، وفي المرحلة الثانية بلغت الجوائز 3,000,000 ريال لـ 15 مشروعا، أما المتأهلون للمرحلة النهائية غير الفائزين بالجوائز الكبرى فخصصت لهم جوائز نقدية بقيمة 4,800,000 ريال وعددهم 12 مشروعا، بينما خصص لهم المبلغ نفسه من اتحاد الغرف التجارية بواسطة الهيئة.
لم يهمل البرنامج التنافسي الأكبر في اليمن فئة النشء، لهذا استضافت 15 حلقة منه 15 مبتكرا صغيرا بإبداعات مذهلة تنبئ بمستقبل مشرق للبلد، ونالت مشاريعهم إعجاب لجان التحكيم وقيادة الهيئة والمتابعين ومنحتهم الهيئة جوائز نقدية وشهادات تقدير لإبداعاتهم.
وتبقى المسابقة السنوية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية وجهة الباحثين والمبدعين والمبتكرين لتلبية تطلعاتهم، ومسارًا مشرقا لتوجيه طاقاتهم نحو الأولويات الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى