في ظل حالة الإختطار التي يعيشها العالم الاقتصاد الرقمي يمثل آفاقاً رحبة للتعاملات التجارية والنمو الاقتصادي

محمود ابراهيم النقيب
مستشار وزارة الصناعة والتجارة للملكية الفكرية وحماية المستهلك

أدت التطورات التكنولوجية الحديثة الى تحول هيكلي في بنية الأنشطة الاقتصادية من الاقتصاد التقليدي الى الرقمي Digital economy ، وأوجدت أدوات وأليات مستحدثة في إطار بيئة من التعاملات التجارية الرقمية، حيث حقق هذا النوع من التعاملات تفاعلاً ونشاطاً واسعاً في ظل التوجه العالمي نحوالاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية.

يمثل الاقتصاد الرقمي أحد اشكال التعبيرات التى دخلت الحياة العصرية بقوة وأصبحت تتداول فى الإستخدام العادى لتعبرعن العديد من الأنشطة التي تستخدم التقنيات والوسائط الإلكترونية، وتمثل التجارة الإلكترونية واحدة من أهم القطاعات التي يستند عليها الاقتصاد الرقمي، فعلى الرغم من حداثة التعامل بموضوع التجارة الإلكترونية والذي يعود الى العام 1994م، إلا أنها تنمو بسرعة كبيرة جداً عند مقارنتها بالمعاييرالمرجعية مثل التسوق عبرالبريد، ومعاملات بطاقات الائتمان، وتجارة التجزئة التقليدية، ففي عام 2019، بلغت مبيعات التجارة الإلكترونية بالتجزئة في جميع أنحاء العالم 3.53 تريليون دولار ومن المتوقع أن تنمو إيرادات التجزئة الإلكترونية إلى 6.54 تريليون دولارأمريكي في عام 2022.

لقد وفرت التجارة الإلكترونية بدائل سهلة وميسرة للمستهلكين بمختلف مستوياتهم، للحصول على احتياجاتهم من السلع والمنتجات، دونما حاجة إلى تحمل عناء الانتقال عبرالحدود بهدف الوصول إلى مصدرالسلعة، ودونما تقيد بحدود الزمان والمكان، وأتاحت آفاقاً رحبة للتعاملات التجارية وسهلت عملية عقد الصفقات والتعاقدات التجارية أكثر من اي وقت مضى، حيث تدارالتجارة الإلكترونية من خلال نظام الإلكتروني متكامل، يكتسب كل يوم مميزات وخصائص جديدة مع كل تقدم تقني، ومع كل تطور في شبكة الأمان التي تحكم التجارة الإلكترونية، الا أنها مع ذلك لا تزال تمثل إحدى الكوابح الموضوعية لنموهذا القطاع وتوسعه بما يتفق مع التطورات المتسارعة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات العصرية.

إن التنامي المتزايد لهذا النوع من الأنشطة يؤكد بأن التجارة الإلكترونية أصبحت واقعاً معاشاً وجزءً لا يتجزأ من الحياة اليومية، وتحظى باهتمام دولي باعتبارها تشكل بعد أساسي في الاقتصادي الرقمي، وفي ظل حالة الإختطارالتي يعيشها العالم، طرحت جائحة COVID-19 العديد من التحديات والفرص التي مثلت بعداً جديداً لمزيد من التعاون الدولي في مجال تعزيزالاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية، فقد ساهمت الجائحة فى توسيع قطاع الاقتصاد الرقمي من خلال شركات جديدة وعملاء وأنواع جديدة من السلع والمنتجات التي فرضتها الحاجة، وحصل معظم المستهلكين على احتياجاتهم في ظل حالة القيود المفروضة عن تدابير الحجز.

إن الواقع الجديد الذي فرضه الوباء يتطلب التعامل الجاد مع طبيعة التحديات التي تواجه عمليات التحولات الرقمية وإدارتها وفق منهجية علمية، نظراً للزيادة في الطلب على التقنيات الرقمية التي سهلت عملية الوصول إلى العملاء في عصر يتميز باستخدام تكنولوجيا المعلومات والوسائل الإلكترونية في ممارسة الأنشطة الاقتصادية.

ويقرالبنك الدولي في تقريره الأخير بان حالة الاختطار والأزمات الناتجة عن « COVID- 19» حتمية في كل البلدان، وأن التقنيات الحديثة المستندة الى شبكة الانترنت في اطارالاقتصاد الرقمي يمكن أن تسهم في التخفيف من حالة الاختطار والحد من التباطؤ الاقتصادي، وفق أساليب وطرق تفكير رقمية مبتكرة.

إن ازدهار وتوسع حجم التجارة الدولية بقالبها الجديد (التجارة الإلكترونية) يتطلب توفيرإطار تنظيمي وقانوني ضامن وبنى تحتية وتقنية وموارد بشرية مؤهلة للتعامل مع تقنيات ومستجدات العصر، وهناك حاجة ملحة للعمل ضمن الثنائية الإيجابية المتثلة في تطويرالبنى التقنية وتأهيل قطاع المال والأعمال والمستهلكين، إلى جانب تنمية الوعي بأهمية التجارة الإلكترونية لدى صناع القرار بدرجة أساسية ولدى جميع اطراف العملية التبادلية بشكل عام، لأن طبيعة وديناميكية واجراءات واليات العمل التجاري الإلكتروني تحتاج الى جهود مضاعفة، بدءا بتحديد الأولويات ووضع الخطط والاستراتيجيات، لتنمية قطاع التجارة الإلكترونية والعمل على ايجاد بيئة تشريعية متكاملة لنمو صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات وتحرير قطاعاتها، فنمو مجتمع المعلومات سيسهم في توفير فرص العمل للكوادرالمؤهلة ودعم الاقتصاد الكلي وسيفتح آفاقاً واسعة للقطاع الخاص يمكنه من النفاذ الى الأسواق العالمية، وزيادة حجم التبادلات التجارية فضلاً عن احداث اثارايجابية في فائض الميزان التجاري.

زر الذهاب إلى الأعلى