
توقعات الطاقة المتجددة في العالم وأهميتها وإمكاناتها بالنسبة لليمن


يجري تحول عالمي للطاقة، مدفوعاً بالضرورات المزدوجة والمتمثلة في الحد من تغير المناخ وتعزيز النمو المستدام، ويعد التراجع غير المسبوق في تكاليف الطاقة المتجددة، والفرص الجديدة في كفاءة استخدام الطاقة، والتقنيات الذكية والرقمية، والحلول الكهربائية من بين العوامل الرئيسية التي تمكّن هذا الاتجاه.
بحسب الدراسات الإستراتيجية والتوقعات يجب أن تزيد حصة الكهرباء من إجمالي استخدام الطاقة في العالم إلى حوالي ٪50 بحلول عام 2050، ارتفاعاً من ٪23 اليوم. عندئذ ستشكل الطاقة المتجددة ثلثي استهلاك الطاقة و ٪86 من الطاقة المنتجة، وبالتالي يمكن للكهرباء المتجددة أن تقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة ٪60.
لحسن الحظ، هذا التحول سيمكن من تحقيق نمو افتصادي أسرع، وخلق المزيد من فرص العمل، وتحسين الرفاهية الاجتماعية الشاملة، وكذا تخفيض تكاليف الرعاية الصحية للإنسان والأضرار البيئية والإعانات، من شأنه أن يحقق وفورات سنوية بحلول عام 2050 تتراوح بين ثلاثة إلى سبعة أضعاف التكاليف السنوية الإضافية لعملية الانتقال من الطاقة التقليدية إلى الطاقة النظيفة.
إن خيارات العالم اليوم ستكون حاسمة في الوصول إلى مستقبل آمن للطاقة والمناخ.
يحتاج الوضع غير المستقر في اليمن إلى وقفة جادة من حيث أنظمة الطاقة، حيث تعاني البلاد من ويلات الحرب وبالتالي ارتفاع في أسعار المشتقات النفطية، وهذا يحد من استخدام محطات التوليد وكذا مولدات الطاقة الكهربائية، معظم المناطق تعاني انقطاع تام للتيار الكهربائي هذا بدوره يعوق الخدمات الأساسية إضافة إلى انقطاع الخدمة عن المنازل.
في ظل الصراع في اليمن الذي أدى إلى خسائر كبيرة في الأرواح وأجبر الناس على ترك منازلهم وعرقل توفير الخدمات الأساسية، لجأ الناس في المدن والمجتمعات الريفية إلى التعامل بشكل أفضل مع الأزمة من خلال زيادة وصولها إلى الطاقة من خلال التقنيات المتجددة، مثل الفوانيس الشمسية لإضاءة المنازل والمرافق والمدارس، ثلاجات تعمل بالطاقة الشمسية لتخزين اللقاحات في المرافق الصحية، أنظمة المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية لتوفير مياه الشرب المأمونة في المواقع المصابة بالكوليرا، ومضخات الري بالطاقة الشمسية لصغار المزارعين…إلخ.
تقع اليمن في الشرق الأوسط ضمن دول الحزام الشمسي، بين خطي N13-N16 وخط الطول 43.2-53.2 في جنوب غرب آسيا. وتغطي منطقته الجبال والسهول الساحلية في الأجزاء الجنوبية والغربية كما هو مبين في الشكل (1).
إمكانات مصادر الطاقة المتجددة في اليمن (Renewable Energy Potentials of Yemen):
تعتبر اليمن غنية بمصادر الطاقة المتجددة المتنوعة وأهمها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتوضح الأشكال المجاورة خرائط توزع هذه الإمكانات:-
أ. خريطة كثافة طاقة الرياح 50 متر.

ب. توزيع الموارد الشمسية في اليمن.

التحديات والمشاكل التي تواجه الطاقة المتجددة في اليمن:
كما أشرنا سابقاً، إلى أنه يوجد أسباب عديدة مشجعة لاستخدام تقنيات الطاقة المتجددة في اليمن، على الأقل لحل جزء من مشكلة النقص الحاد في الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى كونها طاقة نظيفة واعتبارات أخرى. إلا أن هناك العديد من الحواجز والقيود تتعلق بالتقنية ونقص المعطيات، إلى جانب المشاكل الوطنية، كالمشاكل المالية، التهديدات الأمنية، والسياسية، ومن أجل التحقق من هذه الحقيقة لنستعرض هذه التحديات من خلال الحواجز التالية:
التمويل:
يعتبر العائق المالي من العوائق المهمة في بناء أي مشروع، حيث لا ينجح المشروع بدون تمويل كافٍ، ومن أهم العوائق الاقتصادية هي المخاطر العالية للاستثمار في ظل فوضى الدولة، وكذا تكلفة رأس المال العالية، صعوبة الوصول إلى رأس المال، والافتقار إلى مؤسسات مالية وطنية.
السوق:
خلال العقود الماضية، كانت الدولة هي المنتج للكهرباء، باستخدام الفحم أو الديزل وفي الآونة الأخيرة، الغاز الطبيعي، لقد استثمرت الدولة معظم محطات الإنتاج هذه التقنيات، والتي تتمتع بقوة سوقية هائلة، بعد أن دخلت البلد بالصراع خرجت معظم المدن عن خدمة الشبكة الكهربائية وهنا بدأ استثمار الطاقة من القطاع الخاص عن طريق مولدات محلية في المدن الرئيسية والتجمعات السكنية، يمثل هذا الموقف عائقاً كبيراً للطاقة المتجددة، تحتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من الموارد المتجددة إلى منافسة قوية مع الصناعات الأكثر ثراءً والتي تستفيد من البنية التحتية والخبرات والسياسات الحالية، إنه سوق صعب الدخول.
يريد معظم المستثمرين كميات كبيرة من الطاقة، في الأوقات المثالية عندما لا تتوفر الرياح والطاقة الشمسية، وهذا صعب التحقيق! وسبب رئيسي لمعاناة التقنيات المتجددة من دخول السوق.
العوائق المؤسسية:
انعدام العمل بالمؤسسات من العوامل الأكثر فعالية في الحد من انتشار أي تقنية، وفي هذا القطاع لا يوجد أي إطار مؤسسي، وغياب آلية عمل المؤسسات، بالإضافة إلى الافتقار إلى الأُطر القانونية والتنظيمية لتبني تنفيذ مثل هذه المشاريع، والتنسيق بين أصحاب المصلحة والمستثمرين.
غياب آلية البحث والتطوير (R&D)، وعدم التعامل مع القطاعات الخاصة لتنفيذ مثل هذه الدراسات والمشاريع التنموية، وأخيراً غياب المؤسسات المختصة (المهنية).
الحواجز التقنية:
تعتبر هذه التكنولوجيا من التكنولوجيا الحديثة، والعمل به يتطلب وعي لدى الدولة بالعمل على تأهيل الموظفين المهنيين، وكذا توفير المعايير والتصديق، ومن العوائق التقنية عدم وجود مراكز تطوير أو إنتاج لهذه التقنيات في الدولة، وكذلك سوء حالة نقل الطاقة.
العوائق الاجتماعية والأمنية وأخرى:
وهذه العوائق لا تقل أهمية عن سابقتها، ومن الضروري أن نذكر على سبيل المثال: غياب الوعي العام لدى المواطنين، وذلك بسبب الطبيعة القبلية السائدة في مناطق عديدة، وهذا قد يؤثر سلباً على تنفيذ مثل هذه المشاريع، وفي ظل غياب سلطة الدولة في هذه المناطق، وكذلك عدم وجود سياسات حكومية مستقرة، وأخيراً عدم نشر الوعي بقبول ودعم مشاريع الطاقة الخضراء.
